running
جامعة القصيم مؤتمر الدراسات الحديثية يبحث سبل مواجهة الشبهات الطاعنة في السنة النبوية ومعوقات النشر والبحث العلمي

مؤتمر الدراسات الحديثية يبحث سبل مواجهة الشبهات الطاعنة في السنة النبوية ومعوقات النشر والبحث العلمي

تواصلت أمس الثلاثاء أعمال المؤتمر العلمي الدولي الذي تنظمه الجامعة ممثلة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، تحت عنوان "مستقبل الدراسات الحديثية.. رؤية استشرافية"، حيث تناولت الجلسة الثانية التي أقيمت في مسرح العيادات الجامعية في المليداء، وترأسها الأستاذ الدكتور حمزة مليباري الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي الأمين العام لندوة الحديث الشريف بدولة الإمارات العربية، محوراً هامًا من محاور المؤتمر وهو «النقد الحديثي».

 

شارك في الجلسة الدكتور محمد بن عبد الله السريّع المحاضر في قسم السنة وعلومها بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الجامعة، والذي شارك بورقة بحثية تتناول دور المصادر الفرعية للسنة النبوية في تعزيز النقد الحديثي وواقع التعامل معها "رؤية نقدية استشرافية"، حيث أكد أن البحث يقيس واقع التعامل مع المصادر الفرعية للسنة النبوية (الأجزاء الحديثية)، من خلال دراسة تستطلع آراء شرائح الباحثين، والمحققين، والناشرين، وتحللها، ثم عرض هذا الواقع ومسببات نشوئه على ميزان النقد العلمي، ومقارنته بواقع التعامل مع ذلك النوع من المصادر عند المحدّثين النقاد، وكذلك إضافات المصادر الفرعية إلى النقد الحديثي، كما قدم نماذج على ذلك، ومن ثم تقديم رؤية استشرافية لمستقبل الأجزاء الحديثية، واقتراح توصياته في تصحيح مسار التعامل معها.

 

بعد ذلك عرض الدكتور سامي رياض بن شعلال أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية لورقته البحثية التي تقدم نظرة استشرافية في التعامل مع نصوص أئمة النقد في الحديث، والتي أكد فيها أن الله تعالى قد قيض رجالا أفنوا أعمارهم في الدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركوا لنا إرثا عظيما في نقد الرواة والمرويات، فكانوا بحق أصحاب صنعة، وفرسان ميدان النقد الحديثي، مشيرًا إلى أنّ فكرة هذا البحث تكمن في ضرورة تدريب طلبة العلم على فهم المراد من كلامهم، وتفسيره في إطار منهجم العام واصطلاحاتهم، وعدم التسرع في ردّ كلامهم، كما أوضح البحث أنّ الغفلة عن لغة الأئمة يؤدّي إلى فهم خاطئ لمرادهموبخاصة في مسائل العلل الدقيقة -، ولهذا فإنّ مسائل العلم بعامة ينبغي أن تحرر وفق منهج علمي.

 

كما عرض الدكتور خالد بن عبد الله الطويان أستاذ السنة المساعد بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة خلال ورقة بعنوان "آفاق في معايير نقد المتن (رؤية استشرافية في نقد المتن)"، والذي سلط الضوء من خلالها على معايير نقد المتن عامة، وقد اشتمل هذا البحث على أربعة مباحث، تطرقت لعناية علماء الحديث بنقد المتن، وقد نقل الباحث بعض الآثار في ذلك، ومعايير النقد، كمخالفة الحديث للقرآن، بالإضافة إلى موقف المستشرقين من المتن, والرد عليهم في ذلك، والمعايير المعاصرة لنقد المتن، كمخالفة متن الحديث للحقيقة العلمية، ومخالفته لقواعد اللغة العربية، مشيرًا إلى أنه قد يرجح اللفظ الموافق للغة إذا صح سنده، وثبت رجحانه على الروايات الأخرى، لأنه يستحيل على النبي صلى الله عليه وسلم اللحن.

 

ومن جانبه قدم الدكتور أبو بكر كافي نيابة عن الدكتور محمد رمضاني الأستاذ في كلية أصول الدين بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في الجمهورية الجزائرية ورقته البحثية بعنوان "توظيف الأنثروبولوجية الدينية في دراسة السنة النبوية"، والذي تناول من خلالها العرض والتحليل النقدي كإحدى أهم المسالك الحديثة في دراسة السنة النبوية، والتي تتردد كثيراً في كتابات الخطاب العقلاني المعاصر في سياق التأسيس والتبرير لمشروعه الفكري الرامي إلى (إعادة نقد وقراءة النص النبوي)، حيث يتمثل هذا المسلك في توظيف علم "الأنثروبولوجيا الدينية"؛ المهتم بدراسة المجتمعات الإنسانية وأنماطها الثقافية والاجتماعية والسياسية، ومدى تأثرها وتأثيرها في غيرها، إضافة إلى المؤثرات الكبرى في تشكل المعتقدات الدينية لتلك المجتمعات - لاسيما النصوص الدينية (النص النبوي هنا) -، بتحديد مواردها وروافدها.

 

ويؤكد "الرمضاني" خلال أن الخطاب العقلاني المعاصر يحاول الاستثمار في مباحث هذا العلم وتفسير ظهور أبواب كاملة من الروايات الحديثية؛ لاسيما المتعلقة بالمعجزات والغيبيات وبدء الخلق وأخبار الأنبياء والأمم السابقة واللاحقة، وأحاديث الأشراط كالدجال والدابة، وأخبار الفتن والملاحم واليوم الآخر، وغير ذلك مما يصادم ظاهره دليل العقل والحس، كما أنه يمكن حصر أهم المباحث الأنثروبولوجية التي تم توظيفها في دراسة نصوص السنة في علم الأساطير، وتسرب العناصر الدينية السابقة (الإسرائيلية والمسيحية ...) إلى السنة النبوية، وتأثير الماقبليات الثقافية التي كانت سائدة لدى العرب قبل الإسلام، حيث تهدف الورقة إلى دراسة هذا التوظيف والوقوف على مدى استيفائه للشروط الموضوعية والعلمية، وغيرها من شروط البحث العلمي، والموضوع منسجم مع أهم محاور المؤتمر إذ إنه يدرس إحدى التطبيقات المعاصرة للعلوم الإنسانية في دراسة النص الحديثي.

 

وفي ختام الجلسة الثانية تحدثت الدكتورة ليلى حميد محمد العوفي الأستاذ المساعد في السنة وعلومها بكلية العلوم والآداب في عنيزة بالجامعة عن ورقتها البحثية التي حملت عنوان "سبل مواجهة الشبهات الطاعنة في السنة بدعوى مخالفتها للواقع"، حيث عرضت للبحث الذي يتناول تحديد معالم الوسائل والسبل التي ينبغي أن يتبعها المتخصص في محاربة الشبهات والمطاعن، والتي تطرح بين الفينة والأخرى للطعن في الإسلام وثوابته عامة، والطعن في السنة بعلة مخالفتها للواقع المحسوس أو العلمي، سواء كانت هذه الوسائل وقائية أم علاجية، مشيرة إلى أن هدف البحث هو سبل مواجهة الشبهات، وليس عرض الشبهة والرد عليها، كما قدمت من خلال البحث نبذة مختصرة عن تاريخ الطعن في السنة ونشأته، ثم تطرقت لمعرفة السمات المعاصرة لحملة الطعن في السنة، خاصة وأن هذه المطاعن ليست بجديدة، بل هي ذات الطعون التي قدمها أسلافهم من أهل البدع، والزنادقة، والتي تنوعت أسبابها بين محاربة الإسلام، أو التعصب للآراء، وضعف التصور الصحيح للسنة، أو الجهل بالشرع.

 

وقد تناول البحث عدة عناصر كان من بينها: بيان السمات المعاصرة لحملة الطعن في السنة النبوية، وبيان مدى الجدة في المطاعن المعاصرة في السنة النبوية، بالإضافة إلى معرفة أسباب الطعن في السنة النبوية، وبيان لأحاديث طعن فيها المشككون بعلة مخالفتها للواقع، وكذلك الوسائل والسبل في مواجهة هذه الشبهات.

 

 

الجلسة الثالثة: النشر والبحث العلمي

 

 

وناقشت الجلسة الثالثة التي ترأسها الأستاذ الدكتور صالح بن محمد الحسن الأستاذ بقسم الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة محور النشر والبحث العلمي، حيث عرض الدكتور حسن عبد اللّه حمد النيل الأستاذ بجامعة السّودان للعلوم والتّكنولوجيا ورقة بحثية بعنوان "التّكامل المعرفي بين الدّراسات الحديثية وقواعد البيانات"، والتي أكدت أن أحاديث النبي  صلى الله عليه وسلم يمكن حصرها، ولكن لا توجد آليات محددة لحصرها وبالتالي يمكن الاستفادة من قواعد البيانات في حصرها وتصنيفها وفهرستها، كما تجيب الدراسة عن سؤال رئيس وهو: إلى أي مدى يستطيع الحديث النبوي الشّريف تقديم حقائق علميَّة تثري المعارف المتنوعة؟

 

ولذلك يحاول الباحث تقديم منهجية علمية لعلوم الحديث عبر علم قواعد البيانات في الحاسب الآلي أو ابتداع أساليب ووسائل يقدم عبرها النص الحديثي بصور جاذبة وسهلة، وهدفت الدِّراسة إلى توظيف تقنيات الحاسب الآلي "قواعد البيانات" لخدمة الحديث النبوي الشّريف "حفظاً، وتدريساً، ونشراً" وهي تعالج بشكل أساسي كيفية الاستفادة من البرامج المرتبطة بالحاسب الآلي، وربطها بعلوم الحديث للاستفادة منها في الحياة المعاصرة، كما توصلت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها: تصنيف وفهرست الأحاديث القوليَّة والفعليَّة والتّقريريَّة التّي أريد بها التّشريع من حيث الثبوت، والحكم عليها ودلالتها على الأحكام، وأوصت بأنّ على الجامعات المتخصصة، وغير المتخصصة تدريس قواعد البيانات لطلاب الشّرعيَّة بصورة مكثفة، واعتماد آلية لتصنيف الأحاديث النبويَّة ينتظم فيها العلماء، والمختصون.

 

بعد ذلك تحدث الدكتور مأمون محمّد الخالدي باحث متفرغ بالجامعة الأردنية عن "لغة الأرقام والإحصائيّات في الدّراسات الحديثيّة.. دراسة استشرافيّة"، والتي أكد من خلالها أنّ النهضة العالمية والعلميّة في شتّى المجالات والتخصّصات تحتّم على أصحابها ابتكار أساليب جديدة ووسائل حديثة تثري بها تخصّصاتها وتقرّبها بلغة العصر الحديث مع المحافظة على روح الأصالة، وقد أضحت لغة الأرقام المحدّدة والإحصائيات الدقيقة في العصر الحديث هي لغة العالم، وذلك لأنّ الأرقام لا تكذب ولا تخون وإنّ نتائجها أدق النتائج، وتظهر قوّة كثير من الدراسات العلمية بقدر خروجها بنتائج ذات أرقام واضحة ومحدّدة لا تحتمل التقريب ولا الاحتمال.

 

وسلط "الخالدي" الضوء من خلال هذه الدّراسة على شواهد استعمال هذه اللغة عند المحدّثين الأوائل من خلال المصطلحات التي كانوا يستعملونها أو ما يصرّحون به من أرقام في أكثر من مجال حديثيّ، وتهدف إلى بيان مجالات استشراف هذه اللغة في الدراسات الحديثيّة من خلال خمسة أبعاد رئيسيّة تعدّ أرضا خصبة لاستشراف مستقبل الدراسات الحديثيّة وتطويرها بما يواكب لغة العالم الحديث، بالإضافة إلى ذكر دراسات معاصرة تطبيقيّة خرجت بنتائج جديدة وقيّمة من خلال استعمالها لغة الأرقام بصورة مناسبة.

 

وتظهر أهميّة تطبيق لغة الأرقام والإحصائيات في الدراسات الحديثيّة في مدى فعاليّتها في الردّ على المناوئين للسنّة النبويّة الذين استعملوا هذه اللغة في عدد من الدراسات المنشورة والمقالات على الشبكة العنكبوتيّة، وإنّ مخاطبة القوم بذات اللغة الدارجة المنتشرة يعدّ من الحكمة التي جعلها الله لأنبيائه في مخاطبة أقوامهم بألسنتهم، وعلى مبدأ (لا يفكّ الحديد إلا الحديد) نستطيع القول بأنّه: لا يقابل الأرقام إلا الأرقام ولا ينجح مع الإحصاء إلا الإحصاء، ولكلّ فعل ردّ فعل بذات أدوات الفعل وبذات أساليبه.

 

ومن ثم عرض الدكتور وائل بن حمود بن هزاع ردمان أستاذ الحديث وعلومه بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة نجران لبحثه الذي أجراه بعنوان "نشر البحوث الحديثية المعاصرة بين الأهمية العلمية والتحديات المعاصرة"، حيث تمثل فكرة هذا البحث مساهمة واضحة في خدمة سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وبقاء البحث فيها، والاجتهاد في نشر المجهود البحثي المعاصر فيها، كما يعالج البحث بوضوح مشكلة العوائق التي تواجه نشر البحوث العلمية الحديثية المعاصرة وخاصة الكتابات الشابة كرسائل العالمية (ماجستير ودكتوراه) الصالحة للنشر، ورصد أسباب عدم تداول البحوث الحديثية المعاصرة لدى المختصين، ويهدف البحث إلى أيجاد الحلول الواقعية الممكنة لمشكلة البحث وإمكان ضمان نشر البحوث الحديثية المعاصرة بفعالية في ميدان البحوث العلمية في ظل تلك القيود والتحديات المعاصرة.

 

وبعد ذلك عرض الدكتور مازن بن محمد السرساوي الأستاذ المشارك بقسم السنة وعلومها من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم ورقته البحثية بعنوان "نحو موسوعة حديثية تقنية متكاملة.. الواقع والمأمول" والذي قال أشار فيها إلى أن إنتاج موسوعة حديثية تقنية شاملة متكاملة، دين في عنق أهل هذا العصر، لم يسقط عنهم بعد! ولن يسقط حتى ينتدب له من يقوم به على وجهه الذي حاول الإشارة إليه بإيجاز في هذه الأوراق، مشيرًا إلى أن هذه الورقة لا تحدد كلاً ولا حتى بعضاً من الخدمات أو التقنيات التي يتصور وقوعها في المستقبل القريب أو البعيد في خدمة السنة، لأن ذلك يحتاج إلى عمل ونظر لفرق من المتخصصين، وهو ثمرة لما نتكلم عنه الآن، وليس جزءاً منه، وإنما تهدف هذه الورقة البحثية إلى لفت النظر إلى الطريق الذي ينبغي أن نسير عليه في هذا الشأن لنصل يوماً ما ولو بعد حين إلى هدفنا المنشود.

 

 

وفي ختام الجلسة تحدث الدكتور خالد بن محمد بن عقيل البداح أستاذ الحديث وعلومه في الجامعة عن "دور حوسبة السُنَّة وعلومها في ابتكار الأفكار البحثية"، حيث يتناول من خلال هذا البحث سُبل الإفادة من الموسوعات العلمية الحاسوبية العامة والخاصة بعِلْم السُّنَّة النبوية، في ابتكار الأفكار البحثية، التي يحتاجها الباحثون وطلاب الدراسات العليا، كما يتضمن تنظيرًا مقترحًا لبرنامج حاسوبيٍّ يعد لهذا الغرض، يتم من خلاله فهرسةُ كلِّ ما يتعلق بالسُّنَّة وعلومها؛ لتكون متاحةً أمام المستفيدين، لنفتح بذلك آفاقًا ومسارب جديدة للبحث العلمي، فكم من طالبٍ يحتاج موضوعًا، وكم من موضوعٍ لم يجد من يبحثه ويجليه.

16/01/2019
09:07 PM
انفوجرافك